" قصة خلق الكون"
تحكي بابل القديمة قصة خلق مختلفة عن الرب الاعظم"ماردوك" الذي قتل الام العظيمة و قطعها الي قسمين القي احدهما الي اعلى فتكونت السموات و دفن الجزء الآخر تحت قدميه،فتكونت الاراضي في العالم.
و قصة صينية قديمة تقول ان بيضة كبيرة بحجم الكون ، بدا هذه البيضة مزيج من المتناقضات(اناث و ذكور،برد و حر...الخ) ثم خرج من البيضة مارد عملاق اسمه "فان كو" و كانت تزداد قامته عشرة اقدام فى كل يوم ، حتي بلغ طوله عنان السماء؛ فخلق جميع الاجسام السماوية مثل النجوم و الشمس و القمرو....الخ بعدها نحت في الوديان و الجبال بمدقة ذات رأس خشبي ، و عندما مات فان كو تحولت الحشرات و البراغيث التي كانت تعيش في شعره الي آدميين.
و خلقت انثي الغراب توأمين و هما اول من خلق في العالم، و ذلك ما تقوله قصة بداية الخلق في شمال شرق سيبريا ، و حسب مزاعم هذه القصة فأن زوج انثى الغراب ذهب في رحلة طويلة لخلق الجبال و الوديان،ثم تبوّل علي العالم و صنع من بوله جميع الانهار و البحيرات في الارض و بعد فترة ظهرت انثى العنكبوت و خلقت السيدات!
يؤمن البوذيين بأن الكون يخلق و ينتهى ثم تعاد عملية خلقه مرة اخرى .خلال الازمنة المختلفة ، و في بداية كل دورة لخلق الكون لتكون الارض فب الظلام ، على سطح الماء و تظهر على الارض المخلوقات الروحانية و الاشباح و هي اول ما خلق على وجه الارض ، و يتم خلقها من جديد ثم تأخذ كل واحدة من هذه المخلوقات شكل الانسان و بدأ الخلق الانساني في التناسل ثم يخلق بعد ذلك عهد السعادة و الشقاء الذي ظل مستمرا الى يومنا هذا.و بعد فترة زمنية يذوب الكون و يتنهي و تعود الكائنات الحية الى روح الحياة لتبدأ الدورة من جديد.
و "بوروسا"هو اول رجل خلق على وجه الارض فى احد اعتقادات الهندوسيين بشأن قصة الخلق، و جسم "بوروسا" يمثل الكون حيث كوكب الارض هو الجزء الاسفل من هذا الجسم بينما السماوات هي الجزء الاسفل منه و يمثل الجنس البشري اجزاء مختلفة من جسد"بوروسا"؛فذراعيه هما المحاربون و ساقيه هما عامة الشعب ، اما قدميه فهما الفلاحون و الخدم.
و تقول الكتب الهندوسية المقدسة القديمة ان الكون تكون عن طريق عملية تنفس الآله "فيشنو" فعندا شهق" فيشنو" تكون الكون ، و مع كل زفرة من زفراته تنبعث المخلوقات الآدمية على اشكال حبوب صغيرة، ثم تتحول مع مرور الوقت و تأخذ الشكل الآدمي.
اما الديانة الجينية و هي ديانة هندية قديمة لها كتابها المقدس الخاص و تؤمن بأن العالم المادي ابدي يتقدم على هيئة دورات واسعة المجال ، و قصة نشأة الكون التي تؤمن بها هذه الجماعة تقوم على فكرة رفض فكرة الخلق من الاصل! اذ يؤمن ابناء هذه الديانة انه لا يوجد مخلوق فى هذا الكون قادر على الخلق و بأنه غير منطقي ان يخلق رب مرئي هذا الكون المادي و ان هذا الكون مخلوق من تلقاء ذاته اي انه قد خلق نفسه بنفسه منقسم الي ثلاثة اقسام (جنة و نار و ارض)و الاخيرة هي التي يعيش عليها الكائنات الحية.
اما عن اعتقادات السريانيين و الوثنيين فقد آمنوا بالألهة الأم التي قسّمت بحار و انهار العالم الى قسمين ،الارض و السماء. و بعد عدة عصور بدأت الشعوب تؤمن ان الخالق الكون هو رجل و ليس امرأة و يطلقون على هذا الاله "زوج الالهة الام"و كان يتشكل في بعض الاحيان في هيئة ثعبان ،حتي ظهرت بعض الديانات التوحيدية و نجحت فى القضاء على فكرة تعدد الآلهة هذه في اماكن متعددة.
و تحكي الكثير من القبائل فى جنوب غرب امريكا عن قصة بداية الخلق ،حيث يعقتد هؤلاء انه قد عاش اسلافهم لمئات لسنوات في عالم الارواح ،في الظلام،ثم بدأوا في الظهور علي سطح الارض لرؤية الشمس للمرة الاولي!و من اشهر قصص خلق الوجود عندهم هي قصة الآله "ناهابو"،و هى تدور حول الحشرات التي كانت تسكن في ادني ثلاثة عوالم من العوالم الستة، ثم حدث ان طردتهم الالهة ليسكنوا في العالم الرابع ،و هناك انقسموا الي قسمين ليبدأ ظهور اول رجل و اول امرأة في العالم.ثم صعدوا مع ابنائهم العشرة فوق شجرة كبيرة بالعالم الخامس،و هذا هو العالم الذي يعيشون فيه ا لان ، و هناك بدأوا في خلق الجبال و النباتات و في النهاية احضروا الآلهة ليشاركوهم الحياة فغي العالم الخامس!
و علي الرغم من تأسيس جميع الاعتقادات المسيحية علي تعاليم المسيح و القديس "بولس" و بقية القديسين ، الا ان اختلافات واضحة و عديدة عن المفهوم الاساسي للتوراة.ويؤكد بعض علماء الدين ان ثمة تباين بين اعتقادات المسيحيين المحافظين و المسيحيين التحرريين، لدرجة اتباع كل منهما طريق مختلف عن الآخر .و يصف سفر التكوين خلق الرب للكون بالترتيب ،و يعلق صاحب الفضيلة"جيم هارديني" بدير جنوب ايداهو المعمداني على هذا قائلا :"لقد خلقنا الرب ، و لم يخلق احدنا مصادفة و وجودنا هنا لم يكن مجرد عملية انتقال من شكل حيواني الى آخر و كما يقول الرب في سفر التكوين ان كل مخلوق تم خلقه بنظام معين و ان الانسان خلق فى يوم واحد و الحيوان خلق في يوم آخر"
ولقد دارت مناقشات عديدة بين المسيحيين المحافظين حول مفهوم كلمة(اليوم)في سفر التكوين ،فهل هو اليوم الذى يتكون من اربع و عشرين ساعة ام مدة اخري لا يعلمها الا الله ؟ و يعتقد علماء الدين ان هذه الكلمة لها العديد من المعاني طبقا لمواقعها في سفر التكوين .
ويؤمن معظم المسيحيين المحافظون بقصة الخلق طبقا لما جاء في سفر التكوين ،ففى حالة عدم ثبوت صحة هذه القصة ،سوف يثبت عدم صحة بقية القصص الاخرى ،مثل جنة عدن و خروج الانسان من الجنة ،و العزلة بين الانسان و ربه، و من الممكن ايضا ان ينفي هذا قصة صلب المسيح و اعدة بعثه.
وقال بعض العلماء المسيحيين في ذلك:" اذا لم تؤمن بكلام الرب في سفر التكوين فلا تؤمن بالديانة المسيحية كلها."
والتشكيك في صحة سفر التكوين يعتبر اهانة للخالق نفسه، ومن هنا تأتى حرية الرجل فى تمجيد نفسه لأخذ مكان المسيح نفسه اذا اراد .
وعن الطوائف البروتستانتية التحررية فقد شجعت الكنائس المنتمية لهذه الطوائف نظرية النشوء و الارتقاء لعشرات السنين ، وعلي الرغم من وجودالعديد من التفصيلات غير المفهومة عن وجود العديد من الفصائل و السلالات على كوكب الارض ؛الا ان العلماء و الباحثون قد استطاعوا الاتفاق علي نظرية واحدة لنشأة الكون ، فالكون قد بدأ من عشرين بليون سنة عندما حدث انفجار عظيم فصل النجوم عن الشمس ثم خرج كوكب الارض و بقية الكواكب الاخري من احد النجوم ثم ظهرت بعد ملايين السنين اول اشكال الحياة البدائية علي سطح الارضٍ،وتطورت هذه الحياة حتى ظهرت العديد من الفصائل التى نراها الآن بما فيها "البشرية"و هكذا نجد بعض التحرريين على اقتناع بقصتى الخلق المذكورتان في سفر التكوين (الاصحاحين الاول و الثاني) و نجد البعض الآخر يراها مجرد اساطير .
اما الطوائف البروتستانتية المتشددة فلا يعتقد بعض اعضاؤها في نظرية النشوء، بينما يعتقد البعض الآخر ان الرب هو الذى خلق الكون من البداية ثم استخدم نظرية النشوء و الارتقاء فيما بعد.
كذلك يعتقد الكثير من اليهود في نظرية النشوء و الارتقاء و لكن مع بعض الاختلاف ؛ فاليهود الارثوذوكس لا يؤمنون بهذه النظرية ، و يقول(رابي بينى زيبيل) بدير ارثوذوكس مينا نايم انهم لا يعتقدون في مثل هذه النظريات ،فعندما خلق الله الكون فيى ستة ايام خلق المخلوقات الحية في هذا العالم كاملة النمو ، فلم تمر بمراحل نمو و تطور مختلفة كما تزعم نظرية النشوء.
و اخيرا ففكرة الاسلام عن خلق الكون واضحة و صريحة و هى تعتمد علي ماذكره الله عز و جل في كتابه الجليل" القرآن الكريم" بأنه سبحانه و تعالى هو الخالق الأوحد للكون بكافة مخلوقاته و موجوداته ثم استوى على العرش.
د.هاني حجاج
"تم بحمد الله"
واخيران لا تنسوني من خالص دعواتكم
اخوكم في الله : ابو صقر الرماح0